الخميس، 5 مايو 2011

أسامة بن لادن و مقتله الذي أثار الشجون




بالرغم من أن الزمان و الشغل الشاغل هو الثورات العربية و الضحايا الذين يسقطون بالآلاف في البلدان العربية ,و مصير أمتنا مع التغييرات السريعة و الفجائية التي تتخطفنا ...إلا أن مقتل أسامة بن لادن المباغت أثار الشجون ,و كأن الشيخ قد أصبح فوق الموت نفسه أو كأننا آمنا أنه لن يمس و ان خبر موته سيكون مختلفاً...لهذا فقد شغل الفكر قليلاً و انحرفت بوصلة الاهتمام نحوه أكثر في هذه الأيام المفصلية.
تعددت الآراء في الشيخ أسامة بين مؤيد و محايد و معارض لفكره و أعماله "المنسوبة إليه" و الشيء الواضح بين أغلب المنتسبين للأطراف الثلاثة الجهل بالجذور التي أخرجت لنا بن لادن إلى واجهة الأحداث..كما أبرزت الجهل في فقه الجهاد الواسع و الممتلئ بالآراء و الفتاوي و الاجتهادات...




ولد أسامة بن لادن عام 1957 من أب سعودي الجنسية يمني الأصل و أم سورية و هو فرد من عائلة كبيرة و ثرية جداً..درس في جدة في جامعة الملك عبد العزيز و حصل على بكالوريوس في الاقتصاد.
بدأت سيرته الجهادية في عام 1979م عندما سافر إلى أفغانستان للجهاد ضد السوفييت و بمباركة شبه عالمية و كان زعيم المجاهدين العرب الذين قاتلوا السوفييت و ذاع صيته حينها...
بعد انسحاب السوفييت عاد أسامة إلى السعودية التي ألزمت حكومتها بن لادن بعدم التحدث علناً و عدم القيام بأي نشاطات, و بالرغم من هذا أرسل بن لادن رسالة طويلة للملك فهد يطلب منه السماح بالدفاع عن أراضي المملكة ضد صدام و إخراجه أيضاً من الكويت عبر المجاهدين العرب و إمداده بالسلاح و الدعم العملياتي المناسب..الأمر الذي رفضه الملك, و الذي قام بدلاً عن ذلك باستقدام نصف مليون جندي أمريكي للدفاع عن الأراضي السعودية و هو الأمر الذي أثار حفيظة أسامة بن لادن ,و الذي جعله يخلع البيع للملك و يهاجم النظام الحاكم و يسافر للسودان ليساعد الإمارة الإسلامية  في السودان و يمول عدة مشاريع للبنية التحتية ...لكن أعماله المعادية لأمريكا حملت السودانيين ضغوطاً كبيرة مما اضطر أسامة  إلى السفر إلى أفغانستان حيث احتضنته حركة طالبان و أمنت له المكان و العدة للقيام بنشاطاته...و هو الدعم الذي استمر حتى لحظة اغتياله
يقوم فكر أسامة الأساسي على خروج القوات الأجنبية عن بلاد الحردمين و إنشاء جيش إسلامي قوي في السعودية و القيام بأحكام الله من قبل حكام المسلمين..كما أنه يرغب في توحيد صفوف المسلمين لتحرير الأراضي المحتلة و على رأسها فلسطين .
ما يحسب لـ "بن لادن" و مما لا يمكن إنكاره هو ترك حياة النعيم و الثراء الفاحش "تبلغ الثروة التي ورثها ما يقارب 300 مليون دولار أو مليار ريال سعودي"  و الانتقال إلى حياة خشنة و حرب عنيفة مع عدو لا يرحم و مو اجهة الموت في كل لحظة بينما ننعم نحن بجلسة مسترخية أمام الشاشات و نتابع و نحلل و ننظر ..

و أخيراً عملية اغتياله القذرة التي حصلت و التي أثارت شجون من كان يعارضه أو يعارض فكره أساساً فضلاً عن محبيه..و التي جاءت بمثابة الصدمة و خصوصاً المراقص التي قامت في واشنطن بعد إعلان النبأ...
لكن يذكر في المقابل المراقص و الأفراح التي قامت في العديد من المدن العربية بعد ضرب الطائرتين للبرجين مباشرة..و الاعتراضات التي ظهرت على أن الأفراح كانت لأسباب أخرى و فبركت خصيصاً لتظهر على أنها شماتة في أمريكا فهو أمر لا محل له..إذ أن مؤيدي هذا الفعل ما زالوا حتى هذه اللحظة  و هم كثر..
طبعاً من المآخذ الكبيرة عليه استهداف المدنيين العزل و التي شجبها جمهور كبير من علماء المسلمين و ما جلبه من دمار فيما بعدها على المسلمين ثقافياً و اقتصادياً...
يؤخذ عليه أيضاً إنفاق كل هذه الأموال "بعد مرحلة سوفييت ضد طالبان"  على رفع السلاح –المشترى من أمريكا غالباً- بدلاً من إنفاقه على تنشئية جيل مسلم واعي مثقف و مسلح بأقوى سلاح في العصر الحديث و هو العلم.
كان الشيخ أسامة و سيظل اسماً شغل الناس و ملأ الصور و الصحف و الرجل الذي استطاع التمويه على أغلب مخابرات العالم لما يزيد عن العشر سنوات و الأمريكية لأكثر من خمس و عشرين سنة.



سواءٌ عارضناه أو وافقناه سيبقى شخصاً أخلص لمبدأه و مات دونه بينما كان بإمكانه أن يعيش حياة الملوك و ينعم بالثراء الفاحش...

يبقى المحور الأساسي الذي ما زال تحت النقاش المحتدم و الأخذ و الرد الحاد و المعتدل: هل كان الشيخ أسامة نصراً للإسلام أم أن أفعاله أساءت له..و هل تفجير البرجين مما يرضى عنه الله أم لا –إن كان هو المسؤول عنه فعلاً-
و الله أعلم...



هناك تعليقان (2):

  1. وما رأيك في القول بأنه لم يزد علي كونه عمل لأمريكا ؟

    ردحذف
  2. لا أعرف يا أحمد إن كان قصدك عمل فعلاً أم أنه عميل لأنني اققر باحتمالية الأول و أعتقد باستحالة الثاني...فكما قلت من قبل ما الذي يجعله يترك معيشة ممتازة و عزاً كبيراً ليتحمل أسوأ معيشة بين الجبال و الموت على كل مناحية يترصد..قد تكون اعماله و قدراته قد وُظفت بطريق غير مباشر لكن الأعمال نفسها خارجة من اعتناق ديني و ايديلوجية خاصة به اعتنقها من بيئته و من دراساته و شيوخه و أخيراً من اجتهاده الخاص...ما زال هناك الكثير ممن يؤمن به و يحلل قتلى البرجين..أحداث العراق التي هبطت باسهم القاعدة بشكل مروع لا يمكن بحال أن تنسب إلى أسامة نفسه...فيها الكثير و الكثير من العمليات التي فجرت الأسواق بأيدٍ أجنبية..موساد, بريطانيا,المارينز المقنعون و هناك أدلة صريحة على قيامهم بانتحال شخصيات القاعدة...من الصعب توفير قاعدة اسلامية متطرفة أو غير متطرفة تسهل كل هذا الكم الهائل من القتلى المدنيين مسلمين أو غير مسلمين...
    مشكلة أسامة كما أراها بعد تمحيص شخصي كما هي مشكلة الكثير من أتباعه و أحبائه هي رفض الاستماع لوجهة نظر الآخر..و اتخاذ ردود أفعال عنيفة على الرأي المضاد و الفكر الاسلامي المتخفف نسبياً عنه..

    و الله أعلم...

    ردحذف